في أوروغواي، على بُعد آلاف الكيلومترات من حرب شنّها البلد الذي تحمل جنسيته على البلد الذي وُلدت فيه، تحوّلت الدبلوماسية الروسية السابقة إيكارينا جيرمانوفيتش إلى خبّازة فازت بالجائزة الكبرى في برنامج تلفزيوني.
بعدما تخلت عن وظيفتها كمستشارة اقتصادية في السفارة الروسية في مونتيفيديو احتجاجا على الغزو الروسي لأوكرانيا، شقّت إيكارينا جيرمانوفيتش طريقا جديدا لنفسها ووجدت سلواها في الخبز، ما مكّنها من الفوز بمسابقة وطنية في أوروغواي.
في مقابلة أجرتها معها وكالة فرانس برس بعدما أصبحت شخصية معروفة في الدولة الصغيرة الواقعة في أميركا اللاتينية، اعتبرت جيرمانوفيتش أن الحرب في أوكرانيا “أَلَم لن يزول أبدًا”.
وقالت في منزلها في مونتيفيديو “ولّدت الحرب شرخًا سيستغرق إصلاحه عقودًا. تحطمت عائلات وانفصلت عن بعضها”.
وُلدت جيرمانوفيتش قبل 40 عامًا في زابوريجيا، التي كانت حينها جزءًا من الاتحاد السوفياتي لكنها أصبحت اليوم منطقة أوكرانية، وانتقلت بعدها إلى موسكو حيث نشأت مع والدَيها وأشقائها.
وتحمل جيرمانوفيتش الجنسية الروسية فقط، لكنها أمضت فترات العطل خلال طفولتها في أوكرانيا ولديها أقارب في البلدَين.
لكنها انقطعت عن الكثير من أقاربها منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
وأوضحت لوكالة فرانس برس “في أوكرانيا، أي تواصل مع أشخاص في روسيا يُعتبر خيانة، والأمر كذلك في الجانب الروسي”.
وأضافت “بعض أقاربنا في أوكرانيا توقفوا عن التواصل معنا لأننا نحمل الجنسية الروسية”.
من الاكتئاب إلى الحلويات
استقالت جيرمانوفيتش من منصبها الدبلوماسي في مارس 2022 بعد أيام من بدء الغزو الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه “عملية عسكرية خاصة”.
وقالت “كانت لديّ مسيرة مهنية واعدة جدًا. لكنني وجدت أنه من المستحيل أستمر بتمثيل حكومة تقصف بلدي الأصلي”.
ولفتت جيرمانوفيتش الناطقة بسبع لغات إلى أنها كافحت للعثور على وظيفة أخرى عندما وضعت حدًا لمسيرتها الدبلوماسية التي استمرت عشرة أعوام، وعاشت “اكتئابًا”.
بتشجيع من أصدقاء، اشتركت في برنامج “بيك أوف أوروغواي” Bake Off Uruguay التلفزيوني الذي تصل الجوائز فيه إلى 600 ألف بيزو (16 ألف دولار تقريبًا).
في 12 يوليو، فازت جيرمانوفيتش، من بين 14 منافسا، في المسابقة.
وأشارت إلى أن مخبوزاتها مستوحاة إلى حد كبير من جدتها الأوكرانية لأمّها، وهي توفيت خلال فترة المسابقة.
وتعتزم جيرمانوفيتش فتح قسم للحلويات في مطعم سوشي مملوك لأحد أصدقائها، وتأمل أن يكون لها يومًا ما مقهى خاص بها.
وأكّدت جيرمانوفيتش، الحامل حاليًا بطفلها الثالث، أنها لا تخشى التعبير عن آرائها علانية، لكنها لا تنوي العودة إلى روسيا “في السنوات المقبلة”.
واعتبرت أنها لا تريد المخاطرة بمستقبل ابنَيها، خصوصًا البكر البالغ 16 عامًا، باصطحابهما إلى بلد فيه الخدمة العسكرية إلزامية لجميع المواطنين اعتبارًا من سن 18 عامًا.
وقالت “لا أعلم ما قد يحدث إذا سافرت إلى روسيا”.
وتابعت “بعض الأشخاص يقولون لي: +ليس الأمر بهذه الأهمية، لن يحدث لك شيء+. لكنني تحدثت علنًا ضدّ الحرب”.
رغم التقارب بين روسيا وإيران، على هامش الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، إلا أن طهران وموسكو، تعيشان على وقع خلاف، بسبب جزر عربية تسيطر عليها إيران منذ 1971.
وظهر الخلاف جليا خلال الأيام الأخيرة، من خلال سلسلة من المواقف عبّرت عنها طهران، بعد أن وقّعت موسكو على إعلان لدول الخليج مفاده أن نزاعها مع طهران بشأن ثلاث جزر، تقول الإمارات إنها تعود إليها، يجب أن يُحلّ عن طريق المفاوضات.
وفي 12 يوليو، وقعت موسكو على هذا الإعلان، وفي اليوم التالي نددت طهران بموقف روسيا واستدعت السفير الروسي لديها للاحتجاج.
وقالت الخارجية الإيرانية: “الجزر الثلاث ملك لإيران إلى الأبد، وإصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع علاقات إيران الودية مع جيرانها”، وهو موقف سرعان ما ردده مسؤولون ومعلقون إيرانيون آخرون.
بعد ذلك بيومين، في 14 يوليو، قال ممثل الكرملين الخاص للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، للسفير الإيراني في موسكو، إن روسيا تواصل دعم وحدة أراضي إيران دون قيد أو شرط.
ومع ذلك، في 17 يوليو، ردت طهران بالقول إن هذه التصريحات غير كافية.
في اليوم التالي، أي في 18 يوليو، اتصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بنظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ليقول له إن موسكو “ليس لديها شك” بشأن وحدة أراضي إيران، بما في ذلك سيطرتها على الجزر الصغيرة الثلاث في مضيق هرمز.
خطوط إيران “الحمراء”
هناك مؤشرات على أن الخلاف لم يتراجع رغم تبريرات موسكو، حيث تطالب طهران بتعويضات عن “تصرفات روسيا” فيما يتعلق بجزيرة طنب الصغرى، وجزيرة الطنب الكبرى، وكذا جزيرة أبو موسى، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عدة.
وانعكس مدى غضب الإيرانيين من البيان الروسي في تعليقات طهران التي أشارت إلى أن العلاقات مع موسكو قد تتضرر لأن الجانب الروسي انتهك أحد “الخطوط الحمراء” بالغة الأهمية لإيران.
وقد ظهر رد الفعل الحاد هذا أيضا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا أن إيران تعترف بوحدة أراضي أوكرانيا وجميع الدول الأخرى، وهو موقف يتحدى صراحة احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم (منذ 2014) وسعيها لتغيير الحدود مع جارتها بالقوة العسكرية.
بل أشار إيرانيون إلى أن “صداقة” طهران وروسيا قد تنتهي إن لم تتراجع موسكو عن دعمها للمفاوضات حول الأراضي التي تعتبرها إيران ملكا لها.
ثلاثة عوامل
يشير تحليل نشر على موقع “أوراسيا ريفيو” أن ثمة ثلاثة تفاصيل حول هذه الأزمة الدبلوماسية، الأول، مفاده أنه كان لموسكو كل المعطيات التي تؤكد أنها إذا دعمت فكرة المفاوضات حول الجزر التي يدعي الإيرانيون أنها تابعة لهم، فستواجه نفس النوع من المشاكل التي واجهها الصينيون عندما اتخذوا خطوة مماثلة في وقت سابق.
بالإضافة إلى ذلك، كان على السلطات الروسية أن تدرك أن مثل هذه الخطوة ستقوض حتما موقف موسكو من شبه جزيرة القرم وكذلك علاقاتها المتنامية مع طهران، وفق ذات التحليل.
وبالفعل، حذر خبراء، الكرملين من هذه المخاطر.
لاحظت المحللة الإيرانية، كارين جيفو رجيان، أن تشكيك روسيا الضمني في “وحدة أراضي إيران كان أكثر من مجرد جريمة”، حسب تعبيرها.
ثم تابعت، في تصريح صحفي “لقد كان خطأ” مضيفة أنه من المرجح الآن أن تشدد طهران موقفها بشأن القرم وغيرها من القضايا، وهو أمر لا يمكن للحكومة الروسية أن تقبله.
ثانيًا، يوضح هذا السجال، وفق التحليل، أن هناك مشاكل في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الروسية، خصوصا بعد السرعة التي تراجع بها الكرملين، والتي تُظهر، وفق التحليل، أن موسكو تشعر بوضوح أنها بحاجة إلى إيران أكثر مما تحتاجه إيران إليها.
هذا الوضع، قاد محللين روس للقول إن طهران الآن قد تكون مستعدة لإدانة العمليات العسكرية الروسية في أوكراينا .
ثالثًا، يعني رد فعل إيران الحازم واستعداد موسكو للتراجع، أنه عندما “يتراجع اهتمام طهران بتطوير العلاقات مع روسيا”، فمن المرجح أن تتغير العلاقة في المستقبل، إما بسبب العزلة المتزايدة لروسيا بفعل حربها ضد أوكرانيا، أو لأن زلاّت موسكو المتكررة، ستدفع إيران للبحث عن حلفاء بديلين.
دبلوماسية غير مدروسة
في الوقت الحالي، قد يبدو أن احتمال حدوث مثل هذا التطور ضئيل، لكن إذا انخرطت روسيا في دبلوماسية غير مدروسة في المستقبل، فمن شبه المؤكد أن احتمال أن تقرر طهران أنها لا تستطيع الوثوق بروسيا وتتجه إلى الآخرين سيتضاعف.
يشار إلى أن السرعة التي تصرف بها لافروف ووزارة الخارجية الروسية في هذه الحالة لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه ممثلوهم بشأن هذه الجزر الصغيرة الثلاث، والتي تعتبر مهمة من الناحية الرمزية والعسكرية للإيرانيين كمؤشر على قوة بلادهم، تشير إلى أن القيادة الروسية العليا تشعر بالقلق من أن فقدان النفوذ في طهران قد يكلف موسكو مكاسبها الأخيرة.
وسيشمل ذلك قرار إيران بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ودعمها لموقف موسكو بشأن بحر قزوين، واستعدادها لتزويد روسيا بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا.
رغم التقارب بين روسيا وإيران، على هامش الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، إلا أن طهران وموسكو، تعيشان على وقع خلاف، بسبب جزر عربية تسيطر عليها إيران منذ 1971.
وظهر الخلاف جليا خلال الأيام الأخيرة، من خلال سلسلة من المواقف عبّرت عنها طهران، بعد أن وقّعت موسكو على إعلان لدول الخليج مفاده أن نزاعها مع طهران بشأن ثلاث جزر، تقول الإمارات إنها تعود إليها، يجب أن يُحلّ عن طريق المفاوضات.
وفي 12 يوليو، وقعت موسكو على هذا الإعلان، وفي اليوم التالي نددت طهران بموقف روسيا واستدعت السفير الروسي لديها للاحتجاج.
وقالت الخارجية الإيرانية: “الجزر الثلاث ملك لإيران إلى الأبد، وإصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع علاقات إيران الودية مع جيرانها”، وهو موقف سرعان ما ردده مسؤولون ومعلقون إيرانيون آخرون.
بعد ذلك بيومين، في 14 يوليو، قال ممثل الكرملين الخاص للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، للسفير الإيراني في موسكو، إن روسيا تواصل دعم وحدة أراضي إيران دون قيد أو شرط.
ومع ذلك، في 17 يوليو، ردت طهران بالقول إن هذه التصريحات غير كافية.
في اليوم التالي، أي في 18 يوليو، اتصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بنظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ليقول له إن موسكو “ليس لديها شك” بشأن وحدة أراضي إيران، بما في ذلك سيطرتها على الجزر الصغيرة الثلاث في مضيق هرمز.
خطوط إيران “الحمراء”
هناك مؤشرات على أن الخلاف لم يتراجع رغم تبريرات موسكو، حيث تطالب طهران بتعويضات عن “تصرفات روسيا” فيما يتعلق بجزيرة طنب الصغرى، وجزيرة الطنب الكبرى، وكذا جزيرة أبو موسى، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عدة.
وانعكس مدى غضب الإيرانيين من البيان الروسي في تعليقات طهران التي أشارت إلى أن العلاقات مع موسكو قد تتضرر لأن الجانب الروسي انتهك أحد “الخطوط الحمراء” بالغة الأهمية لإيران.
وقد ظهر رد الفعل الحاد هذا أيضا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا أن إيران تعترف بوحدة أراضي أوكرانيا وجميع الدول الأخرى، وهو موقف يتحدى صراحة احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم (منذ 2014) وسعيها لتغيير الحدود مع جارتها بالقوة العسكرية.
بل أشار إيرانيون إلى أن “صداقة” طهران وروسيا قد تنتهي إن لم تتراجع موسكو عن دعمها للمفاوضات حول الأراضي التي تعتبرها إيران ملكا لها.
ثلاثة عوامل
يشير تحليل نشر على موقع “أوراسيا ريفيو” أن ثمة ثلاثة تفاصيل حول هذه الأزمة الدبلوماسية، الأول، مفاده أنه كان لموسكو كل المعطيات التي تؤكد أنها إذا دعمت فكرة المفاوضات حول الجزر التي يدعي الإيرانيون أنها تابعة لهم، فستواجه نفس النوع من المشاكل التي واجهها الصينيون عندما اتخذوا خطوة مماثلة في وقت سابق.
بالإضافة إلى ذلك، كان على السلطات الروسية أن تدرك أن مثل هذه الخطوة ستقوض حتما موقف موسكو من شبه جزيرة القرم وكذلك علاقاتها المتنامية مع طهران، وفق ذات التحليل.
وبالفعل، حذر خبراء، الكرملين من هذه المخاطر.
لاحظت المحللة الإيرانية، كارين جيفو رجيان، أن تشكيك روسيا الضمني في “وحدة أراضي إيران كان أكثر من مجرد جريمة”، حسب تعبيرها.
ثم تابعت، في تصريح صحفي “لقد كان خطأ” مضيفة أنه من المرجح الآن أن تشدد طهران موقفها بشأن القرم وغيرها من القضايا، وهو أمر لا يمكن للحكومة الروسية أن تقبله.
ثانيًا، يوضح هذا السجال، وفق التحليل، أن هناك مشاكل في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الروسية، خصوصا بعد السرعة التي تراجع بها الكرملين، والتي تُظهر، وفق التحليل، أن موسكو تشعر بوضوح أنها بحاجة إلى إيران أكثر مما تحتاجه إيران إليها.
هذا الوضع، قاد محللين روس للقول إن طهران الآن قد تكون مستعدة لإدانة العمليات العسكرية الروسية في أوكراينا .
ثالثًا، يعني رد فعل إيران الحازم واستعداد موسكو للتراجع، أنه عندما “يتراجع اهتمام طهران بتطوير العلاقات مع روسيا”، فمن المرجح أن تتغير العلاقة في المستقبل، إما بسبب العزلة المتزايدة لروسيا بفعل حربها ضد أوكرانيا، أو لأن زلاّت موسكو المتكررة، ستدفع إيران للبحث عن حلفاء بديلين.
دبلوماسية غير مدروسة
في الوقت الحالي، قد يبدو أن احتمال حدوث مثل هذا التطور ضئيل، لكن إذا انخرطت روسيا في دبلوماسية غير مدروسة في المستقبل، فمن شبه المؤكد أن احتمال أن تقرر طهران أنها لا تستطيع الوثوق بروسيا وتتجه إلى الآخرين سيتضاعف.
يشار إلى أن السرعة التي تصرف بها لافروف ووزارة الخارجية الروسية في هذه الحالة لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه ممثلوهم بشأن هذه الجزر الصغيرة الثلاث، والتي تعتبر مهمة من الناحية الرمزية والعسكرية للإيرانيين كمؤشر على قوة بلادهم، تشير إلى أن القيادة الروسية العليا تشعر بالقلق من أن فقدان النفوذ في طهران قد يكلف موسكو مكاسبها الأخيرة.
وسيشمل ذلك قرار إيران بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ودعمها لموقف موسكو بشأن بحر قزوين، واستعدادها لتزويد روسيا بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا.
رغم التقارب بين روسيا وإيران، على هامش الحرب المستمرة ضد أوكرانيا، إلا أن طهران وموسكو، تعيشان على وقع خلاف، بسبب جزر عربية تسيطر عليها إيران منذ 1971.
وظهر الخلاف جليا خلال الأيام الأخيرة، من خلال سلسلة من المواقف عبّرت عنها طهران، بعد أن وقّعت موسكو على إعلان لدول الخليج مفاده أن نزاعها مع طهران بشأن ثلاث جزر، تقول الإمارات إنها تعود إليها، يجب أن يُحلّ عن طريق المفاوضات.
وفي 12 يوليو، وقعت موسكو على هذا الإعلان، وفي اليوم التالي نددت طهران بموقف روسيا واستدعت السفير الروسي لديها للاحتجاج.
وقالت الخارجية الإيرانية: “الجزر الثلاث ملك لإيران إلى الأبد، وإصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع علاقات إيران الودية مع جيرانها”، وهو موقف سرعان ما ردده مسؤولون ومعلقون إيرانيون آخرون.
بعد ذلك بيومين، في 14 يوليو، قال ممثل الكرملين الخاص للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، للسفير الإيراني في موسكو، إن روسيا تواصل دعم وحدة أراضي إيران دون قيد أو شرط.
ومع ذلك، في 17 يوليو، ردت طهران بالقول إن هذه التصريحات غير كافية.
في اليوم التالي، أي في 18 يوليو، اتصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بنظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ليقول له إن موسكو “ليس لديها شك” بشأن وحدة أراضي إيران، بما في ذلك سيطرتها على الجزر الصغيرة الثلاث في مضيق هرمز.
خطوط إيران “الحمراء”
هناك مؤشرات على أن الخلاف لم يتراجع رغم تبريرات موسكو، حيث تطالب طهران بتعويضات عن “تصرفات روسيا” فيما يتعلق بجزيرة طنب الصغرى، وجزيرة الطنب الكبرى، وكذا جزيرة أبو موسى، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عدة.
وانعكس مدى غضب الإيرانيين من البيان الروسي في تعليقات طهران التي أشارت إلى أن العلاقات مع موسكو قد تتضرر لأن الجانب الروسي انتهك أحد “الخطوط الحمراء” بالغة الأهمية لإيران.
وقد ظهر رد الفعل الحاد هذا أيضا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا أن إيران تعترف بوحدة أراضي أوكرانيا وجميع الدول الأخرى، وهو موقف يتحدى صراحة احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم (منذ 2014) وسعيها لتغيير الحدود مع جارتها بالقوة العسكرية.
بل أشار إيرانيون إلى أن “صداقة” طهران وروسيا قد تنتهي إن لم تتراجع موسكو عن دعمها للمفاوضات حول الأراضي التي تعتبرها إيران ملكا لها.
ثلاثة عوامل
يشير تحليل نشر على موقع “أوراسيا ريفيو” أن ثمة ثلاثة تفاصيل حول هذه الأزمة الدبلوماسية، الأول، مفاده أنه كان لموسكو كل المعطيات التي تؤكد أنها إذا دعمت فكرة المفاوضات حول الجزر التي يدعي الإيرانيون أنها تابعة لهم، فستواجه نفس النوع من المشاكل التي واجهها الصينيون عندما اتخذوا خطوة مماثلة في وقت سابق.
بالإضافة إلى ذلك، كان على السلطات الروسية أن تدرك أن مثل هذه الخطوة ستقوض حتما موقف موسكو من شبه جزيرة القرم وكذلك علاقاتها المتنامية مع طهران، وفق ذات التحليل.
وبالفعل، حذر خبراء، الكرملين من هذه المخاطر.
لاحظت المحللة الإيرانية، كارين جيفو رجيان، أن تشكيك روسيا الضمني في “وحدة أراضي إيران كان أكثر من مجرد جريمة”، حسب تعبيرها.
ثم تابعت، في تصريح صحفي “لقد كان خطأ” مضيفة أنه من المرجح الآن أن تشدد طهران موقفها بشأن القرم وغيرها من القضايا، وهو أمر لا يمكن للحكومة الروسية أن تقبله.
ثانيًا، يوضح هذا السجال، وفق التحليل، أن هناك مشاكل في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الروسية، خصوصا بعد السرعة التي تراجع بها الكرملين، والتي تُظهر، وفق التحليل، أن موسكو تشعر بوضوح أنها بحاجة إلى إيران أكثر مما تحتاجه إيران إليها.
هذا الوضع، قاد محللين روس للقول إن طهران الآن قد تكون مستعدة لإدانة العمليات العسكرية الروسية في أوكراينا .
ثالثًا، يعني رد فعل إيران الحازم واستعداد موسكو للتراجع، أنه عندما “يتراجع اهتمام طهران بتطوير العلاقات مع روسيا”، فمن المرجح أن تتغير العلاقة في المستقبل، إما بسبب العزلة المتزايدة لروسيا بفعل حربها ضد أوكرانيا، أو لأن زلاّت موسكو المتكررة، ستدفع إيران للبحث عن حلفاء بديلين.
دبلوماسية غير مدروسة
في الوقت الحالي، قد يبدو أن احتمال حدوث مثل هذا التطور ضئيل، لكن إذا انخرطت روسيا في دبلوماسية غير مدروسة في المستقبل، فمن شبه المؤكد أن احتمال أن تقرر طهران أنها لا تستطيع الوثوق بروسيا وتتجه إلى الآخرين سيتضاعف.
يشار إلى أن السرعة التي تصرف بها لافروف ووزارة الخارجية الروسية في هذه الحالة لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه ممثلوهم بشأن هذه الجزر الصغيرة الثلاث، والتي تعتبر مهمة من الناحية الرمزية والعسكرية للإيرانيين كمؤشر على قوة بلادهم، تشير إلى أن القيادة الروسية العليا تشعر بالقلق من أن فقدان النفوذ في طهران قد يكلف موسكو مكاسبها الأخيرة.
وسيشمل ذلك قرار إيران بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ودعمها لموقف موسكو بشأن بحر قزوين، واستعدادها لتزويد روسيا بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا.
يعاني لاجئون سوريون من ترحيل قسري وممارسات عنصرية، ناهيك عن هواجس الخوف من العودة التي تلاحق بعضهم في دول الجوار، بحسب تقارير.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات ترحيل قسري للاجئين السوريين من تركيا، “من دون وجود أي مبررات قانونية”.
ووفقا للأمم المتحدة، يعيش نحو 5.5 ملايين لاجئ سوري مسجل في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أُجبر أكثر من 14 مليون سوري على الفرار من ديارهم منذ 2011. ولا يزال هناك نحو 6.8 مليون نازح سوري في الداخل، حيث يعيش 90 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وكشف مدير المرصد رامي عبدالرحمن لموقع “الحرة” أن السلطات التركية رحلت أكثر من 30 ألف لاجئ سوري قسريا منذ بداية العام الحالي، مشيرا إلى وجود “تعتيم إعلامي على ما يحصل مع السوريين في تركيا”.
وأوضح في اتصال هاتفي “أن السلطات التركية تمارس سلوكيات تنتهك فيها حقوق اللاجئين، إذ يتم تعطيل معاملاتهم الرسمية وعرقلة تجديد هوياتهم ليتم ترحيلهم بذريعة عدم حصولهم على أوراق الإقامة الرسمية”.
واعتبر عبدالرحمن أن هذه “الممارسات الرسمية مخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تضمن لهم حق اللجوء والحماية من الترحيل القسري”، مؤكدا أن “المجتمع الدول يتعامل بتخاذل مع ملف اللاجئين السوريين”.
وأكد أن أوضاع اللاجئين السوريين في دول الجوار تتباين، إذ “يتم تهجيرهم قسريا من تركيا، والتعامل معهم بتمييز في لبنان لدفعهم للعودة لسوريا، فيما تلاحقهم هواجس الخوف من ترحيل قسري في الأردن”، مشيرا إلى أن “الأردن حتى الآن لم يعلن أي خطوات تدفع بالترحيل القسري، وفتح باب العودة الطوعية فقط”.
تركيا.. عدم الامتثال للقانون يعرضك للترحيل
يحلم النازحون السوريون باللجوء إلى تركيا هربا من الحرب. أرشيفية
الكاتب المحلل السياسي التركي، يوسف أوغلو شكك في معلومات وبيانات “المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو جهة غير رسمية وغير معتمدة” واصفا تقارير المرصد بأنها تمثل “إدعاءات لا مصداقية لها ومن دون أدلة”.
وأضاف في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن “هذه المعلومات مضللة، وتتضمن نوعا من التضخيم”، مشيرا إلى وجود عمليات ترحيل “بسبب عدم امتثال البعض للشروط القانونية للإقامة”، لهذا تم استحداث مراكز خاصة بـ”الترحيل المؤقت” في أرياف المدن والمناطق الحدودية.
وذكر أوغلو أن مراكز الترحيل تقوم “بترحيل البعض إذا لم يثبت امتلاكه أوراقا رسمية تتيح له البقاء في البلاد، أو إذا ثبت مخالفتهم للقانون بالقيام بالانتقال بين المدن والعمل فيها بطريقة غير نظامية، أو مخالفات قانونية أخرى”.
وتستضيف تركيا حوالى 3.7 مليون لاجئ سوري. ونشأت توترات على مر السنين، لا سيما في صيف 2021، بين اللاجئين والسكان المحليين الذين يواجهون أزمة اقتصادية ومالية حادة.
ووضعت موجة الاضطرابات الاقتصادية الأخيرة وارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الليرة التركية، اللاجئين السوريين تحت ضغط هائل.
ويؤكد أوغلو أن السلطات التركية لا تقوم “بتسليم السوريين للنظام السوري، أو إجبارهم على الدخول لمناطق لا يرغبون بها، وإنما يتم تخييرهم بين الذهاب للمناطق في الداخل السوري التي تسيطر عليها تركيا، أو البقاء في مراكز للإيواء لحين استكمال الأوراق القانونية”.
ولم ينف “وجود تصرفات غير لائقة فردية من موظفين أو حتى مسؤولين يستخدمون صلاحيات أرغموا فيها بعض اللاجئين على الترحيل القسري” على حد تعبيره، مشيرا إلى أن هذا لا يعكس “التوجهات الرسمية التركية”.
السلطات التركية “تحارب ما يسمى بالهجرة غير الشرعية، أي وقف عمليات القدوم لتركيا بطرق غير نظامية، وليس فقط السوريين، بل تشمل جميع جنسيات الذين يريدون الدخول بأساليب غير قانونية” بحسب أوغلو.
وقال إن أي إجراءات من “السلطات التركية أمر سيادي يخصها في محاربة الهجرة غير الشرعية”.
تركيا تكثف عمليات ترحيل لاجئين سوريين إلى بلادهم
تصاعدت عمليات ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى مناطق الشمال السوري خلال الأسابيع الماضية، في سياق تكثيف أنقرة حملتها ضد المهاجرين غير النظاميين بمختلف المدن التركية.
ومنذ عام 2016، شنت أنقرة مع فصائل سورية موالية لها ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد بشكل رئيسي.
وأتاحت لها العمليات السيطرة على منطقة حدودية واسعة تضم العديد من المدن الرئيسية هناك.
وشدد أن أنقرة لا تريد “أي عمليات تغيير ديمغرافي في سوريا، وهي تقوم بتوفير ملاذات آمنة للسكن للراغبين بالعودة داخل الأراضي السورية إلى حين عودتهم لمناطق سكنهم”.
ومطلع مايو 2022، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان أنه يحضر “لعودة مليون” سوري إلى بلدهم على أساس طوعي، من خلال تمويل استحداث ملاجئ وبنى مناسبة لاستقبالهم في شمال غرب سوريا، بمساعدة دولية.
وعلى الرغم من ضغوط الأحزاب المعارضة، وعد إردوغان بأنه لن يرسل أبدا اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة، قائلا “لن نعيدهم إلى أفواه القتلة”.
من جانبه انتقد مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، قيام بعض الجهات “التي تدعمها دول خارجية إنشاء مجمعات سكنية، حيث يتم توطين بعض العائدين أو نازحين من الداخل السوري فيها”، معتبرا أن هذا الأمر يأتي تبعا لخطط “التغيير الديمغرافي التي يريد كل طرف فرضها خاصة في شمال سوريا”.
وقال إن الأمر الأخطر في مسألة إعادة اللاجئين السوريين بشكل قسري هو قيام ميليشيات تركية أو موالية لها بتحصيل “آتاوات” مقابل السماح بانتقال بعض العائلات من شمال سوريا إلى بلداتهم، حيث تفرض عليهم دفع نحو 500 دولار.
ودعا المرصد السوري إلى ضرورة وقف “عملية الترحيل القسري للاجئين السوريين في تركيا”، مشيرا إلى أنهم هربوا من الحرب ليصبحوا في مواجهة مع ممارسات “تميزية بحقهم”.
وأودت الحرب في سوريا بحياة أكثر من نصف مليون شخص بحسب الأمم المتحدة، وخلّفت سبعة ملايين لاجئ ومئات آلاف المفقودين أو المعتقلين، وأفضت إلى دولة مفككة.
الأردن ولبنان.. فتح باب العودة الطوعية
الأمم المتحدة علقت المساعدات النقدية للاجئين السوريين في لبنان “أرشيف”
وقال عبدالرحمن إنه لم يتم رصد “أي عمليات ترحيل قسرية في الأردن للاجئين السوريين”، ولكن تم فتح باب العودة الطوعية “إذا عادت أعداد محدودة جدا من اللاجئين”.
وذكر أن اللاجئين السوريين في لبنان واجهوا عمليات ترحيل قسرية في أبريل الماضي والأشهر التي سبقته، ولكن حاليا يتم “التعامل مع اللاجئين بشكل ممنهج من قبل السلطات، أو حتى بعض الأفراد بممارسات عنصرية، من أجل دفعهم للعودة لسوريا”.
وأكد عبدالرحمن أن اللاجئين السوريين في غالبيتهم لن يعودوا إلى الأراضي السورية، إذ يلاحقهم الخوف من الاعتقال، خاصة أن النظام لم يجر أي مصالحة حقيقية مع المواطنين من أجل ضمان عودتهم بسلامة لمناطقهم.
بين “ذل” البقاء و”رحلات الموت” والعودة لحكم الأسد.. “خيارات” اللاجئين السوريين في لبنان
عادت قضية الهجرة غير الشرعية من شواطئ لبنان إلى الواجهة، مع إعلان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، قبل أيام، إحباط عملية تهريب 231 لاجئا سوريا على متن مراكب كانت ستنطلق من شاطئ سلعاتا في شمالي البلاد إلى إيطاليا.
الباحث السياسي اللبناني، مكرم رباح، أعتبر أن الحديث عن “ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان برعاية رسمية ما هو إلا هرطقة سياسية، إذ تستفيد جميع الأنظمة من وجود اللاجئين لضمان استمرار المساعدات، حتى وإن لم تكن كافية”.
وأضاف، في حديث لموقع “الحرة”، أن غالبية الذين يتحدثون عن ضرورة إعادة اللاجئين لسوريا هم “من المقربين من المحور الإيراني، رغم أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد تحركاته لا تظهر أنه يريد عودة اللاجئين على الإطلاق”.
ويشرح رباح أنه لا النظام السوري، ولا الميليشيات الموالية لإيران، تريد عودة اللاجئين، خاصة بعد تحويل العديد من البلدات إلى مناطق لتهريب وتخزين السلاح وتصنيع المخدرات.
ويعيش اللاجئون السوريون في لبنان ظروفا صعبة، خصوصا منذ بدء الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ خريف 2019.
وزادت الأزمة الاقتصادية من الخطاب العدائي تجاه اللاجئين الذين يتلقون مساعدات من منظمات دولية، في وقت بات أكثر من ثمانين في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر بحسب فرانس برس.
“أفضّل الموت على العودة”.. لاجئون سوريون في الأردن يخشون ترحيلهم قسرا
يخشى اللاجئون السوريون في الأردن من من إجبارهم على العودة لمناطقهم الأصلية التي دمرتها الحرب الأهلية في سوريا، بالتزامن مع انفتاح الدول العربية على عودة العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وبعد حملات توقيف وترحيل للاجئين نفذتها الأجهزة الأمنية خلال العام الحالي، بذريعة عدم حصولهم على المستندات القانونية اللازمة، عرقلت حكومة تصريف الأعمال برنامجا لتوزيع مساعدات نقدية بالدولار على اللاجئين من الأمم المتحدة.
ويستضيف لبنان، وفق السلطات، أكثر من مليوني لاجئ سوري، بينما لا يتخطى عدد المسجلين لدى الأمم المتحدة 800 ألف.
وتمارس السلطات اللبنانية ضغطا على المجتمع الدولي ومنظماته، مطالبة بإعادة اللاجئين الى بلدهم بعدما توقفت المعارك في مناطق واسعة في سوريا باتت تحت سيطرة القوات الحكومية.
ورغم أن حلم العودة يراود كثر، لكن العديد من اللاجئين يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بين ظروف معيشية سيئة في لبنان وبين تعذر عودتهم، بعدما فقدوا منازلهم وموارد رزقهم، عدا عن عدم توفر الخدمات والبنى التحتية الأساسية. كما يخشى عدد كبير من الشباب اضطرارهم للالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا.
هل فعلت دمشق ما يكفي لإعادة اللاجئين؟
القمة العربية المنعقدة في جدة شهدت حضور رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد قطيعة عربية استمرت 12 عاما
الأكاديمي المحلل السياسي الأردني، عامر السبايلة يرى أن “الأزمة السورية تنحسر في بعض الجوانب، إذ فرضت دمشق سيطرتها على كثير من المناطق، وهي تعرف تماما أين تقع مناطق الاشتباكات وخطوط التماس”.
ويبين في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن دمشق تحدثت عن ضمانات بشكل علني ستلتزم بها من أجل ضمان عودة آمنة للاجئين خاصة من دول الجوار “وهم ما لم يتم على أرض الواقع”.
وأشار السبايلة إلى أن “الأردن لم ولن يتجه لسياسة التهجير القسري”، ولكن بعض دول الجوار تبنت الترحيل القسري اعتمادا على السياسة الواقعية، خاصة مع مرور 12 عام الحرب السورية، ناهيك عن إهمال قضية اللاجئين السوريين من قبل المجتمع الدولي”.
وأضاف أن “المجتمع الدولي يبحث عن الخلاص من فكرة أعباء اللاجئين، ولكنه لم يحل الأزمة التي تسببت في جعلهم لاجئين، ولم يضع نهاية واضحة وواقعية” إذ حاولت جامعة الدول العربية إعادة تعويم النظام دوليا، “وما زال هناك رفض من المجتمع الدولي، إذ يتم الحديث عن الأعباء من دون وضع حلول”.
وتعهدت دمشق خلال مباحثات عودتها لجامعة الدول العربية في مايو الماضي بتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، الثلاثاء، تقليص مساعداته الشهرية لأكثر من مئة ألف لاجىء سوري يقيمون في الأردن، بالثلث اعتبارا من أغسطس، بسبب نقص التمويل.
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر المملكة عدد الذين لجأوا إلى أراضيها منذ اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011 بنحو 1.3 مليون شخص، بحسب وكالة فرانس برس.
الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حسن منيمنة كان قد قال في تصريحات سابقة لموقع “الحرة” إن “عودة اللاجئين السوريين هي أولوية للدول المستضيفة مثل لبنان والأردن، ولكنها ليست أولوية لدمشق على الإطلاق، حتى إن تم الحديث عنها في مشاورات إعادة سوريا لجامعة الدول العربية”.
ويوضح أن هناك مشكلات على المجتمع الدولي التنبه لها فيما يتعلق باللاجئين “إذ أنهم يشكلون ضغطا على البنية التحتية في لبنان التي تعاني بالأصل من مشاكل هيكلية تحد من تقديم الخدمات للمواطنين اللبنانيين، وفي الأردن أصبحت قضية اللاجئين تشكل عبئا في ظل تراجع الدعم الدولي لهذا الملف”.
إعادة اللاجئين السوريين.. هل تشكل أولوية لدى الأسد؟
طوت دمشق صفحة عزلتها من جامعة الدول العربية بمشاركة رئيس النظام، بشار الأسد، في قمة جامعة الدول العربية التي استضافتها جدة، الجمعة، ولكنها لم تحسم حتى الآن ملف إعادة اللاجئين والنازحين.
من جانبه يؤكد المحلل التركي، أوغلو أن “الظروف الحالية غير آمنة في ظل وجود تهديدات إرهابية في الداخل السوري، وهو ما ترى فيها تركيا أيضا تهديدا للأمن القومي للبلاد، مثل وجود قوات كردية في شمال البلاد”.
وزاد أن “دمشق لن تتمكن من الالتزام بوعودها بتوفير الظروف الآمنة للاجئين السوريين العائدين، إذ لا تزال القبضة الأمنية للنظام السوري تلاحق المواطنين، خاصة الذين يحصلون على جوازات سفر أجنبية”.
الكاتب اللبناني، رباح قال بدوره إن “هناك مزايدات كثيرة تتحدث عن إعادة اللاجئين السوريين، وما هو إلا لكسب النقاط السياسية داخل لبنان وسوريا، ولكن النظام السوري لم يتخذ أي إجراءات حقيقية لضمان عودة طوعية آمنة للاجئين، وما يتم تطبيقه على أرض الواقع، يرتبط بتوطين اللاجئين في الدول المتواجدين فيها”.
وانتقد مسؤول أردني سابق عدم جدية النظام السوري في إعادة اللاجئين، منتقدا “التراجع السريع في الدعم الدولي لحاجات اللاجئين” في المملكة.
وقال الكاتب الوزير الأسبق، سميح المعايطة في مقالة نشرها في صحيفة الغد الأردنية إن السوريين أمام “معركة توطين جديدة”.
وفي عام 2022 حذرت الأمم المتحدة من أن جزءا ضئيلا فقط من اللاجئين الذين هم بحاجة إلى إعادة التوطين في بلد ثالث يتاح لهم ذلك، مشيرة إلى أن الاحتياجات على هذا الصعيد “سترتفع بشكل حاد في 2023”.
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تتوقع أن يحتاج أكثر من مليوني لاجئ إلى إعادة التوطين في 2023.
وبحسب المفوضية “يمثل اللاجئون السوريون أكبر نسبة من الأشخاص الذين لديهم احتياجات لإعادة التوطين على مستوى العالم، وذلك للعام السابع على التوالي، نظراً لأن الأزمة السورية لا تزال تعتبر أضخم حالة من حالات اللجوء في العالم”.