كشف تمرد يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر، حجم الصراع داخل الصف الروسي في وقت تواجه فيه موسكو حربا طويلة في أوكرانيا.
وسلط تحقيق لبرنامج “الحرة تتحرى” الضوء على الأسباب التي دفعت فاغنر إلى شق عصا الكرملين، وحجم الصراع الذي كشفه تمرد بريغوجين داخل الصف الروسي، كما تتبع تأثير هذه الأحداث على مصير المجموعة وقائدها داخل لعبة موسكو السياسية.
ومجموعة فاغنر قوة عسكرية روسية خاصة، ذات علاقات وثيقة مع الرئيس، فلاديمير بوتين، وتم استخدامها في مناطق الحروب في أنحاء العالم، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
أما بريغوجين، قائد المرتزقة، فهو رجل أعمال ومؤسس مجموعة فاغنر. عُرف على مدى عقود بأنه “طباخ بوتين”. ومن غير الواضح مدى صداقته مع الرئيس الروسي، لكنهما يعرفان بعضهما البعض، وكلاهما وُلدا وترعرعا في مدينة سان بطرسبرغ، وفق وكالة رويترز للأنباء.
في 23 من يونيو من عام 2023، وفي خضم الحرب الروسية على أوكرانيا، خرج قائد مجموعة فاغنر، متهما موسكو بشن هجوم جوي على معسكر لقواته في باخموت، شرقي أوكرانيا.
وقال بريغوجين: “يجب وقف الشر الذي تسببت فيه قيادة البلاد العسكرية، تجاهلوا أرواح الجنود، نسوا العدالة، ونحن سنعيدها، لذا سنعاقب من ضربوا رجالنا اليوم، وحطموا حياة عشرات الآلاف من الجنود الروس”.
ورغم أن وزارة الدفاع الروسية نفت رسميا تلك الاتهامات، نفذ بريغوجين تهديده صباح اليوم التالي، إذ استولت عناصر فاغنر على مقر قيادة العمليات الروسية في أوكرانيا المتواجدة في مدينة روستوف نادانو جنوبي روسيا.
وأعلن بريغوجين استيلاءه على المقر وقال في مقطع مصور: “نحن داخل مقر القيادة عند السابعة والنصف صباحا. المنشآت العسكرية في روستوف، بما في ذلك المطار تحت السيطرة، هرب رئيس هيئة الأركان من هنا بمجرد سماعه خبر اقترابنا من المبنى”.
يقول المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريغا، إن “سيطرة قوات فاغنر على روستوف نادانو كانت بمثابة رسالة بكل تأكيد، هي مدينة مهمة، كونها تحتضن القواعد العسكرية الروسية، وهي مركز تحكم القوات الروسية فيما يسمى العملية العسكرية الخاصة”، وهو الاسم الذي تطلقه روسيا على حربها ضد أوكرانيا.
لكن بريغوجين لم يكتف بذلك، فبعد ساعات من السيطرة على المدينة الاستراتيجية، أمر قواته بالزحف نحو العاصمة، موسكو.
وكان ذلك أول تهديد مباشر للعاصمة الروسية، منذ الحرب العالمية الثانية.
يقول كولين كلارك، زميل أول في برنامج الأمن القومي، من معهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي: “خلال 48 ساعة، شهدنا أحداثا غير عادية، قاد يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر، تمردا، أو بشكل أوضح انقلابا على الدولة الروسية”.
وفي مواجهة أخطر تحدٍّ لحكمه المستمر منذ ما يقارب ربع قرن، هدد بوتين، بسحق التمرد. إذ أغار سلاح الجو الروسي على طابور فاغنر المتقدم نحو موسكو دون مقاومة تذكر على الأرض.
وفي مقطع آخر، قال بريغوجين: “توقفنا في اللحظة، التي قامت فيها مفرزة الهجوم الأولى على مسافة 200 كلم من موسكو بنشر مدفعيتها واستطلاع المنطقة، وأصبح من الواضح أن الكثير من الدماء ستراق في تلك اللحظة، لذلك شعرنا بأن إظهار ما كنا سنفعله كان كافيا”.
حجم الصراع
يقول كلارك: ” أعتقد أن حقيقة ما رأيناه يحدث، على الرغم من عدم اكتماله، أضر بالفعل بالمعنويات الروسية هناك انقسام حقيقي ولن يكون من السهل إصلاحه”.
أما بريغا فيقول: “أعتقد حتى لو تم التخلص منها في المعركة في أوكرانيا، يمكن أن تكون لها دواع في دول خارجية، إن كان في القارة الأفريقية، وفي الشرق الأوسط، لأن شركة فاغنر لها دور مهم، لها دور اقتصادي وتجاري، وتأثيرها على مناجم الذهب وعلى حقول النفط، إن كان في سوريا أو في القارة الأفريقية، سوف يبقى هو المؤثر والأهم”.
ظهر مقاتلو فاغنر لأول مرة إلى العلن، في ربيع عام 2014، عندما استخدمت موسكو عناصر المجموعة خلال غزوها لشرقي أوكرانيا.
ويقول الجنرال مارك كيميت، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق للشؤون السياسية والعسكرية، إن فاغنر “منظمة خاصة جدا ترعاها الحكومة، ليست ميليشيا على طريقة حزب الله، فتصنيفها يقع في منطقة رمادية، وأيضا وضعها القانوني غامض جدا، ويشمل ذلك عملياتها ومقاتليها على حد سواء”.
ويضيف بريغا “كما هو معروف، هي ليست شركة مرخّصة، لأن في الدستور الروسي، يمنع استعمال المرتزقة، ومن الممنوع استعمال شركات أمنية خاصة، ولكن يبدو، بسبب قرب يفغيني بريغوجين، للرئيس فلاديمير بوتين، تم إغلاق هذا الملف، بأن شركة فاغنر تنتهك الدستور الروسي”.
واعتمادا على العلاقة الشخصية بين بوتين وبريغوجين تضخمت فاغنر عددا وعتادا، وامتدت أذرع المجموعة إلى الخارج بدءا من سوريا مرورا بالسودان وليبيا ودول في جنوب الصحراء الأفريقية وصولا إلى أميركا اللاتينية.
يرى ماتياس بروغمان، باحث في شؤون روسيا وأوروبا الشرقية، أن نموذج عملهم هو القتال لأجل المصالح الروسية، فهم يحمون الديكتاتوريات في جمهورية أفريقيا الوسطى وأماكن أخرى، ويتقاضون رواتبهم من قادة هذه الدول عبر الحصول على حقوق وامتيازات في مناجم الذهب وغيرها من المواد الخام التي يمكنهم تصديرها بحرّية، مؤكدا أنها تجارة بمليارات الدولارات.
وإضافة إلى دورها الأمني والمالي في الخارج، ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، في شتاء عام 2022، استدعى الكرملين مرتزقة فاغنر إلى المعركة التي ازدادت شراسة يوما تلو الآخر.
وبحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس، لعبت مجموعة فاغنر دورا متزايدا وواضحا في الحرب على أوكرانيا، بعد أن عانت القوات النظامية الروسية من الاستنزاف الشديد، وفقدت السيطرة على بعض المواقع التي احتلتها عقب سلسلة من الاخفاقات المخزية.
ومنذ مايو من عام 2022، قادت فاغنر الهجوم الروسي على باخموت في شرقي أوكرانيا، واستمر القتال لعام كامل للسيطرة على المدينة ذات الموقع الاستراتيجي.
يقول كلارك: “في باخموت وحدها يُعتقد أن فاغنر خسرت ما يصل إلى 20 ألف من عناصرها، شعر بريغوجين أن قواته يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وهم كذلك على مستويات عديدة”.
ويضيف “فاغنر دخلت السجون الروسية وجنّدت المحكومين والمجرمين وغيرهم من السجناء لترسلهم إلى الخطوط الأمامية كوقود للحرب، ودفعت بهم إلى ما وصفه الكثيرون بمفرمة اللحم في باخموت”.
وبحسب تقرير لرويترز، يظل العديد من المقاتلين الأحياء من السجناء السابقين مخلصين بشدة لبريغوجين الذي أعطاه بعضهم الفضل في منحهم فرصة ثانية في الحياة، فأولئك الذين يبقون على قيد الحياة لمدة ستة أشهر في أوكرانيا يحصلون على عفو من بوتين بموجب مرسوم سري.
ويقول بريغا إن “الكرملين يحاول قدر الإمكان جلب متطوعين جدد، جلب جنودا جددا، ليس من السهل جلب جنود من السجون بالطريقة الرسمية إلى القوات المسلحة الروسية، ولذلك تم جلبهم عبر شركة فاغنر، لأنه لا يتواجد هناك أي شيء يثبت قانونيا، بأنهم كانوا جنودا أو قُتلوا في المعركة”.
أسباب الصراع
وفي مايو من عام 2023، ظهر بريغوجين من باخموت في مقطع مصور مليء بالشتائم. وألقى باللوم على قادة وزارة الدفاع الروسية متهما إياهم بحرمان قواته من الذخيرة.
وقال بريغوجين في المقطع: “هؤلاء الـ…. الذين لا يعطوننا أي ذخيرة سيذهبون إلى الجحيم”.
ويرى كيميت أن “القادة العسكريين الروس وبريغوجين يتنافسون على نفس الموارد، كلاهما يحتاج إلى ذخيرة، إلى مزيد من القوات والإمدادات، ولكن أيضا على المستوى السياسي، يحاول القادة العسكريون أن يُظهروا لبوتين أنهم يقومون بعمل جيد، وبريغوجين يحاول ذلك أيضا، لذا هناك الكثير من المنافسة السياسية الجارية والتي تظهر في ساحة المعركة”.
بريغوجين انتقد بحدة إخفاقات الغزو داخل روسيا والاستراتيجيات التي استخدمها وزير الدفاع، سيرغي شويغو، وقائد الجيش، فاليري غيراسيموف.
وكان بريغوجين قد عبّر عن “نقص بنسبة 70 في المئة في الذخيرة، شويغو! غيراسيموف! – أين الذخيرة الـ…..؟”.
ويؤكد كيميت أن بريغوجين “حتى لو لم يخاطب بوتين مباشرة، فهو بالتأكيد يقصده، بوتين ديكتاتور يدير العمليات، بشكل لا يختلف عن تحريك (القائد النازي، أدولف) هتلر للوحدات الصغيرة على الأرض، لذا فكل رسالة موجهة له”.
وبنهاية مايو من عام 2023، وبعد عام من الكر والفر، ورغم نفي حكومة كييف، أعلن بريغوجين قائد مجموعة فاغنر، سيطرة قواته على مدينة باخموت الأوكرانية.
وأعلن بريغوجين حينها أنه “تم الاستيلاء على باخموت بالكامل بكل حدودها الإدارية وحتى آخر سنتيمتر”.
ومع تأكيد بريغوجين جاء بعد أيام من اتهامه للجيش الروسي بالفرار من معارك باخموت ووقوع عبء احتلال المدينة بالكامل على قواته.
ويقول كلارك: “أعتقد أن أشخاصا مثل وزير الدفاع ورئيس (هيئة) الأركان الروسيين. قد سئموا بالفعل من بريغوجين وسلوكه الغريب فهو يجذب الكثير من الاهتمام لنفسه لدرجة قد تصل لعبادة الذات”.
وبعد أقل من شهر من احتلال باخموت، حاول قادة موسكو العسكريون فرض سيطرتهم على بريغوجين ومجموعته.
يقول نيكولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسي: “اعتمد وزير الدفاع في الاتحاد الروسي قرارا يحدد إجراءات تنظيم خدمات المنظمات التطوعية وتحدد الوثيقة توقيع مجموعات المتطوعين للعقود مع وزارة الدفاع قبل الأول من يوليو من هذا العام”.
لكن بريغوجين رفض توقيع العقود فتحوّل من حليف إلى منافس شرس.
وفي مقطع، أكد قائد فاغنر أن “تلك الأوامر والمراسيم التي وقعها شويغو (وزير الدفاع)، تنطبق على موظفي وزارة الدفاع والجيش، فاغنر لن توقع أي عقود مع شويغو”.
ويرى بريغا أنه “كانت هناك محاولة لإجبار شركة فاغنر على توقيع اتفاق مع وزارة الدفاع الروسية، ولكن يفغيني بريغوجين رفض. يريد أن يعطي الانطباع بأن قواته هي المهمة. هي تلعب دورا مهما في المعركة، هي القوات التي لها الكفاءة والتدريب العالي، وليس القوات المسلحة الروسية”.
وذكر بريغوجين أن “لدى فاغنر الخبرة الأعمق، وهيكلها فعال للغاية، ولسوء الحظ لا تمتلك معظم الوحدات العسكرية مثل هذه الكفاءة، وهذا تحديدا بسبب حقيقة أن شويغو لا يستطيع إدارة التشكيلات القتالية بشكل صحيح”.
بريغا رجح أن القادة العسكريين قرروا إنهاء تواجد الجماعة، وقال: “يبدو أن سيرغي شويغو، وغيراسيموف، يريدون التخلص من شركة فاغنر، يرون بأن هذا المنافس هو مضر، يعني هو يهدد القوات المسلحة الروسية، يهدد وجودهم”.
وبنهايات يونيو من عام 2023، ووسط هذه الأجواء المتوترة، زعم بريغوجين وقوع غارة جوية روسية على معسكر فاغنر في باخموت، ما أسفر عن مقتل نحو 30 من رجاله.
يقول كلارك: “أحس بريغوجين بالاستفزاز، وشعر بأن قوات فاغنر لم تحصل على الإمدادات والذخيرة التي تحتاجها، ثم حدث الهجوم الصاروخي على معسكرهم، وكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير”.
وبأوامر من بريغوجين، استولى مقاتلو فاغنر على مقر قيادة العمليات الروسية في مدينة روستوف نادانو ثم تحركوا بكامل سلاحهم شمالا تجاه موسكو.
وفي اليوم ذاته، ظهر بوتين في خطاب متلفز مهددا بسحق المتمردين.
وقال بوتين في خطابه: “أدت الطموحات المتهورة والمصالح الخاصة إلى الخيانة، خيانة الدولة وشعبها والقضية التي قاتل من أجلها جنود وقادة مجموعة فاغنر، إن الإجراءات التي سنتخذها لحماية وطننا من هذا التهديد ستكون قاسية، كل الذين اختاروا بإرادتهم طريق الخيانة والابتزاز والإرهاب ودبروا تمردا مسلحا سيواجهون عقابا لا مفر منه”.
ويرى كلارك أن بوتين “ضرب قدمه في الأرض وقال: ‘كفى’، فحدوث هذا الشجار أو القتال الداخلي شيء، ولكن عندما يخرج ليراه العالم بأكمله فإنه يُظهر روسيا بشكل سيء، ويُشعر بوتين بأنه ضعيف، ولا يملك السيطرة الكاملة على الموقف”.
وتهديد بوتين بالقضاء على عصيان فاغنر بالقوة لم يُنفَّذ بعدما تدخل الرئيس البيلاروسي، ألكساندر لوكاشينكو، شخصيا لنزع فتيل الأزمة.
وقال لوكاشينكو: “فهمت أنه تم اتخاذ قرار قاس كان باطن الخطاب، هو القضاء على بريغوجين واقترحت على بوتين ألا يتسرّع”.
وبوساطة من لوكاشينكو، انتهت الأزمة باتفاق أُعلنت عناوينه وبقيت معظم تفاصيله غامضة.
في تقرير لوكالة أسوشيتد برس، بموجب الاتفاق الذي أعلنه المتحدث باسم الكرملين، غادر بريغوجين إلى بيلاروسيا، بشريطة إسقاط التهم الموجهة بحقه بشن تمرد مسلح، كما أكد عدم محاكمة مقاتلي فاغنر الذين شاركوا في هذا التمرد، في حين عرضت وزارة الدفاع على من لم يشاركوا في التمرد توقيع عقود مقابل خدماتهم .
وبعد يومين فقط من تمردٍ طرق أبواب عاصمته، تغيرت نبرة بوتين في كلمة وجهها لمقاتلي فاغنر.
وقال الرئيس الروسي حينها: “اليوم لديكم الفرصة لمواصلة خدمتكم لروسيا عبر توقيع عقد مع وزارة الدفاع أوغيرها من المؤسسات العسكرية والأمنية أو يمكنكم العودة إلى عائلاتكم وأقاربكم، ومن يريد المغادرة إلى بيلاروسيا، فله ذلك الوعد الذي قطعته، سوف يتحقق”.
بوبالنسبة لكيميت فهو يرجح “أن الرئيس الروسي سيستغل مجموعة فاغنر لأطول فترة ممكنة، لأن كل مرتزق يحارب في ساحة المعركة يعني عدم اللجوء لتجنيد مواطن آخر، وفي الوقت الحالي، يحاول بوتين الحفاظ على دعم مواطنيه للحرب في أوكرانيا”.
وسط غموض يحيط بالأحداث، أعلن الكرملين أن بوتين التقى بريغوجين وقادة فاغنر، في 29 يونيو عام 2023.
والاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات كاملة، انتهى بإعلان الحاضرين ولاءهم وتأييدهم لرئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بوتين.
يقول بريغا: “لا أعتقد بأن شركة فاغنر تهدد الكرملين، بل العكس. يجب أن نفهم أن هذا التمرد لم يكن ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل كان ضد القيادة العسكرية الروسية، التي كان يرى يفغيني بريغوجين بأنها غير جادة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، وبأنه يجب أن تكون هناك صرامة في العملية العسكرية الخاصة ضد القوات الأوكرانية، وتكون هناك استراتيجيات مختلفة”.
وبعيدا عن الخلاف العسكري الذي نشب في أوكرانيا، تظهر استفادة موسكو من المجموعة على مستوى آخر قد يكون أكثر أهمية.
يقول كلارك: “نمت فاغنر لتصبح تكتلا دوليا، إنها أكثر من مجرد مجموعة مرتزقة، فهناك شركات تعمل كواجهة لها، وتحافظ على حضور عالمي، ليس فقط في أوكرانيا، بل في ليبيا وسوريا وفي البلدان النامية جنوب الصحراء الأفريقية”.
وقدرت تقارير صحفية عالمية عوائد فاغنر بنحو سبعة 7 مليارات دولار.
يقول تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إنه لسنوات عديدة، عمل جيش بريغوجين الخاص بهدوء كوكيل للسياسة الخارجية الروسية وساعدت قوات المجموعة المؤلفة من آلاف المرتزقة الكرملين على تأمين الموارد الطبيعية، والتأثير بالمشاريع في الدول الفاشلة ومناطق الصراع في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا.
وأضافت الصحيفة أنه، ومنذ التمرد، أرسل الكرملين مسؤولين إلى دول تعمل بها فاغنر، بما في ذلك سوريا ومالي، لطمأنة حكوماتها بأنه لن يكون هناك انقطاع في المساعدة الروسية.
وبعد أقل من شهر من الهدوء النسبي، عاد قائد فاغنر لسابق عهده، ليقول في مقطع: “ما يحدث على جبهات القتال الآن هو وصمة عار، لا ينبغي أن نشارك فيه نحن بحاجة لانتظار اللحظة التي يمكننا فيها أن نظهر حقيقة أنفسنا”.
ومن منفاه في بيلاروسيا، ظهر بريغوجين ليؤكد تواجده على رأس المجموعة، وقال في مقطع مصور: “يجب أن نستمر في تحضير أنفسنا! – يجب أن نستمر في التطور! – أمامنا طريق جديد إلى أفريقيا! – ربما نعود إلى العملية العسكرية في أوكرانيا في وقت نتأكد فيه من أننا لن نُجبر على تغطية أنفسنا وتراثنا بالعار”.
ويؤكد كلارك أنه “لم يذهب أحد إلى الحد الذي ذهب اليه بريغوجين .ولذا يتوقع البعض اقتراب نهايته حتى لو كان ذلك عبر إرساله بعيدا عن أوكرانيا إلى ساحات القتال في أفريقيا مثلا حيث يكون بعيدا عن الأنظار والذاكرة”.
ويرى كيميت أن “للروس تاريخا طويلا في تصفية المنشقين. في الماضي، كانوا يقولون إن الهدف قد يجد نفسه بصحبة 9 غرامات من الرصاص، وهي الكمية المتواجدة في طلقة قد تصل مؤخرة الرأس، لكن في الوقت الحاضر هم يستخدمون البلوتونيوم، وأنواعا أخرى من السموم الكيماوية، لا أعتقد أن بريغوجين سيموت لأسباب طبيعية”.
وعلى الرغم من اتفاق منح بريغوجين ملاذا في بيلاروسيا، لم تطو صفحة ثنائية الكرملين وفاغنر.
وربما كانت دعوة مقاتلي فاغنر لتوقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية، هي خطوة أولى لاحتواء الوحش الذي نشأ بمباركة بوتين.


اترك تعليقاً