سلط تقرير جديد لمنصة “نسويات” المهتمة بقضايا التعددية الجنسية والجندرية، الضوء على واقع أفراد مجتمع الميم بالمغرب، راصدا مجموعة من المؤشرات والأرقام التي تكشف مواجهة هذه الفئة لـ”تحديات” اجتماعية واقتصادية وصحية “تقف” أمام استفادتها من حقوقها الكاملة.
واستطلعت الدراسة آراء وأوضاع 125 شخصا من مجتمع الميم، المنتمين إلى الجيلين “زد” و “واي”، فيما يتعلق بواقع صحتهم النفسية والجنسية، وظروفهم الاقتصادية، خلال فترة ما بعد جائحة كورونا.
ورصدت الدراسة الاحتياجات الحالية لأفراد هذا المجتمع الذين يواجهون، بحسب المنظمة، “عدة وجوه من التهميش” الاجتماعي والاقتصادي، و”تقييدا” في الوصول إلى حقوقهم الأساسية.
مؤشرات
وأفادت الدراسة بأن غالبية الفئات المشاركة في الاستطلاع ترى نفسها في موقع اجتماعي “بين الفقير والمتوسط”، مشيرة إلى أن نسبة البطالة تصل في صفوفها إلى 14 بالمئة، فيما بلغت نسبة الفئات منخفضة الدخل وغير القادرة على الادخار 36 بالمئة.
وذكر المصدر ذاته أن فقط 5.7 بالمئة من المعنيين بالدراسة، يمتلكون مساكنهم الخاصة، فيما يعيش حوالي 35 بالمئة منهم تحت نفس السقف مع أسرهم.
وكشفت معطيات الدراسة أن نسبة 65 بالمئة من المشاركين سبق لهم أن عانوا من سوء المعاملة لمرة واحدة على الأقل، وقرر 8.8 بالمئة منهم فقط مواجهتها بالتبليغ لدى السلطات المختصة، فيما اختارت البقية “الصمت”.
وفيما يتعلق بالجانب الصحي، كشف الاستطلاع أن 44.7 بالمئة من المستجوبين يعانون من أمراض مزمنة؛ تتعلق أساسا بمشكلات نفسية أو مشكلات في الجهاز التنفسي، وقال 38.2 منهم إنهم “لا يخضعون لمتابعة طبية منتظمة”.
وكشفت نسبة 20 بالمئة فقط من المستجوبين عن رضاهم بشأن حالتهم الصحية النفسية.
وبخصوص الصحة الجنسية، كشف 33.3 بالمئة عن عدم إحساسهم بالراحة فيما يتعلق بسلامتهم الجنسية، ويرتبط هذا الإحساس أساسا بـ”ضعف الرعاية من الأمراض المنقولة عبر الاتصال الجنسي”، وأوضحت المعطيات ذاتها أن نسبة 55 بالمئة فقط من المستجوبين تحظى بتأمين صحي.
وأفاد 55 بالمئة من المستجوبين بأن الخدمات الصحية المقدمة لهم تلبي احتياجاتهم، فيما كانت الاحتياجات المتعلقة بالصحة النفسية والجراحة وعلاج أمراض النساء “أقل الاحتياجات التي تم تلبيتها”.
قوانين تعاقب
وقال عضو في منظمة “نسويات”، رفض الكشف عن هويته في تصريح لموقع “الحرة”، إن التقرير يأتي في سياق تقييم وضعية مجتمع الميم ما بعد جائحة كورونا”.
وأوضح أن نتائج التقرير “توضح بشكل جيد أن تمتع الأشخاص من المجتمع بكامل حقوقهم الأساسية، تعترضه القوانين التي تجرم حريات الأقليات الجنسية، والعراقيل المجتمعية التي تقصيها من الاندماج الكامل في المجتمع”.
وتبقى المثلية الجنسية مجرمة في القوانين المغربية، وينص الفصل 489 من القانون الجنائي على الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات كل “من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”.
وتطالب المنظمات الحقوقية منذ سنوات بإلغاء هذا القانون، وكافة القوانين الأخرى التي تقيد الحريات الفردية، معتبرة أنها تساعد على استمرار “كراهية ورهاب المثلية” والاعتداءات التي تستهدف أفراد مجتمع الميم عين بالمغرب.
عراقيل
الناشطة النسوية، أنيا دحان، المهتمة بحقوق النساء العابرات جنسيا ومؤسسة منصة “لعيالات للمساواة الجندرية”، تؤكد أن “عوامل متداخلة” تحول “دون استفادة مجتمع الميم عين بكامل حقوقه”.
وتشير الناشطة المغربية في تصريح لموقع “الحرة” إلى “التقصير الحاصل” في وصول أفراد هذا المجتمع إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
ولفتت إلى أن “العابرات والعابرين جنسيا لا توفر لهم المستشفيات تتبعا هرمونيا وفق المعايير اللازمة، كما ينظر الأطباء إلى اضطراب الهوية الجندرية في الغالب على انه مرض عقلي”.
وتوضح الناشطة النسوية، أنه بالرغم من “المجهودات الجبارة التي تبذلها منظمات المجتمع المدني لضمان وصولية فئات مجتمع الميم إلى الخدمات الصحة الجنسية، فإن خدمات الصحة النفسية والعقلية تبقى أقل ضعفا”.
وفي هذا الجانب، تكشف المتحدثة ذاتها أن هناك “تخوفا كبيرا لدى فئات مجتمع الميم من زيارة طبيب الصحة النفسية أو العقلية خشية أن يتم اعتبار ميولهم أو هويتهم الجنسية مرضا نفسيا”.
وتوضح دحان أن ما يغذي هذا التخوف عند هؤلاء الأفراد “غياب أي ضمانات قانونية خاصة بأفراد مجتمع الميم لضمان وصولهن أو وصولهم إلى الخدمات العامة دون وصم أو تمييز وبالاحترام التام لخصوصياتهم الجندرية”.
ويثير طرح قضايا مجتمع “الميم عين”، نقاشا دينيا ومجتمعيا وقانونيا حادا بالمغرب، بين الرافضين للفصول القانونية المجرمة للعلاقات الجنسية المثلية، والداعين للتمسك بها كونها “تخالف قيم المجتمع”.
وفي هذا الجانب، تشير دحان إلى “التقصير الحاصل من طرف الحكومة”، وما تعتبره “الاستهداف المتواصل من طرف المجتمع والأفراد المعروفين بتوجهات سياسية محافظة التي تضع نفسها حاجزا أمام أي حوار هادئ وبناء بشأن حقوق الأقليات الجنسية بالمغرب”.
البحرية المغربية تعترض 190 مهاجرا عند سواحل الأطلسي الجنوبية
اترك تعليقاً