هل بإمكاننا فعلاً سماع صوت الصمت؟ على مدى عدة قرون مضت، أثار هذا الأمر جدلاً واسعاً، وأفاد الفلاسفة بأن البشر لا “يسمعون” الصمت.
إلا أن دراسة جديدة فجرت مفاجأة. فقد رجحت أن الإنسان يمكنه الإدراك أن هناك صمتاً، مثلما يمكنه الإدراك أن هناك صوتاً على الأقل. حيث يمكنه أن يقول أنه لم يسمع أي ضوضاء، أي أنه أدرك أنه بمكان صامت، وفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
والجديد في الدراسة هو أن الباحثين تمكنوا من الوصول إلى أدلة على أن الدماغ يعالج الصمت نفسه بشكل فعال، قائلين إنه يمكن أن يفسر سبب اهتمام البشر الشديد بـ”توقف محرج في محادثة، أو فجوة مشوقة بين قصف الرعد، أو الصمت في نهاية عرض موسيقي”.
7 تجارب وخدع سحرية
تستند الفرضية إلى 7 تجارب شملت 1000 شخص، والتي أظهرت حيلاً على العقل تعمل مع الصوت والصمت أيضاً.
كما يحدث في بعض الخدع السحرية للهواة، إذا استمع شخص ما إلى نغمة إلكترونية واحدة مستمرة أو نغمتين منفصلتين بنفس المدة الإجمالية، فإن دماغه سيخدعه في التفكير بأن نغمة واحدة تدوم لفترة أطول.
(تعبيرية من آيستوك)
وفي الدراسة الجديدة، اعتقد المشاركون أيضاً أن الصمت المستمر أطول من فترتي صمت منفصلتين، ما يشير إلى أن الدماغ يعالج الهدوء المطلق بطريقة مماثلة للصوت.
من جهته قال شاز فايرستون، كبير الباحثين في الدراسة من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة، إن “أحد الأسباب التي تجعل عبارة صوت الصمت مقنعة للغاية هي أنها متناقضة، حيث أن الصمت هو غياب الصوت”.
الصمت الفردي والمزدوج
لعبت الدراسة، التي نُشرت في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences، الصمت الفردي والمزدوج للمشاركين وسط ضوضاء خلفية إما قطار أو مطعم مزدحم أو سوق صاخب أو ملعب أو ضوضاء عشوائية. وقدر المشاركون أن الصمت المنفرد كان أطول من صمتين منفصلين عندما طُلب منهم المقارنة، تماماً كما يفعلون مع الأصوات.
كما نجح الوهم أيضاَ عندما طُلب من المشاركين الضغط على مفتاح لمعرفة المدة التي استمر فيها الصمت، وكذلك عندما قاموا ببساطة بمقارنتها.
(تعبيرية من آيستوك)
فأثبت الباحثون أنه لم يكن مفاجئاً أن يتم كسر الصمتين عن طريق الضوضاء التي تؤثر على أحكام المشاركين عن طريق تكرار التجربة بضوضاء طائر نقيق أثناء الصمت الطويل.
كذلك اكتشفوا مراراً وتكراراً نغمتين إلكترونيتين تم الحكم عليهما بوجود فجوة أكبر بينهما عند العزف في صمت، بالمقارنة مع عزفهما بين أصوات أخرى، ما يشير إلى أن أدمغة المشاركين تدرك بنشاط الصمت.
اختفاء الصوت المتوقع
ونظراً لأن الأصوات اليومية في الحياة الواقعية هي نشاز ونادراً ما يكون هناك صمت تام، فقد حكم الباحثون على كيفية تفاعل المشاركين عندما تكون الضوضاء الفردية صامتة.
فعند تشغيل نغمة أرغن عالية النغمة ومحرك هدير منخفض في نفس الوقت، سيهدأ أحد هذه الأصوات عدة مرات. وعندما تمت إزالة الصوت الذي لم يكن قد توقف من قبل، اعتبر المشاركون أنه صامت لفترة أطول مما كان عليه عندما اختفى الصوت المتوقع.
الأوهام الصوتية
واستنتج الباحثون أن مجموعة الأوهام الصوتية تُظهر مدى ثبات مخ الإنسان في إدراك الصمت.
وقال الباحث المشارك إيان فيليبس، من جامعة جونز هوبكنز إن “أنواع الأوهام والتأثيرات التي تبدو وكأنها فريدة من نوعها في المعالجة السمعية للصوت، نحصل عليها أيضاً بالصمت، مما يشير إلى أننا نسمع غياب الصوت حقاً”.
لا تعليق